أغي أبن بعبع ؟!
أغي أبن بعبع؟!!كان لي صديق يرحمه الله ازوره كثيرا ولي معه رابطة قوية كنا كثيرا ما نجلس ونتداول احاديث تجمع الدنيا والآخرة فهو يرحمه الله له باع جيد في علوم الشرع.في احدى تلك الزيارات قال لي انظر الى الفرق بين ابناء المدن وابناء الريف .لقد كان ابناء بلدتنا ريفيون وان كانت محسوبة على المدن الا ان اهلها غالبيتهم من الريف نازحين او مهجرين؟ولعوا بتربية الداجن من الطيور ، ولأن الحال كما يقال العين بصيرة واليد قصيرة ولابد لهم من اطعام طيورهم كانت تطول ايدهم احيانا باتجاه سيارات الاعلاف التي تفرغ حمولتها في مستودعات الاعلاف في منطقتنا.كانوا ينتظرون تلك السيارات بكل لهفة والكل يحمل كيسا فارغا ، ينتظرونها عند المطبات الصناعية لأنهم يعلمون انها ستخفف سرعتها .وبالفعل ما إن تقترب السيارات من المطب حتى ينقض الاولاد بسرعة البرق فيعتلون السيارات ويحثون في اكياسهم ما استطاعوا من الذرة وما شابه ثم يثبون من على السيارات التي قد ترتفع لأكثر من ثلاثة امتار ثم يستلمون الارض الاسفلتية بارجلهم الغضة الطرية ويطلقونها للريح خوفا من الملاحقة .أما أبناء المدن المترفين فإن الواحد منهم لو زلق بقشرة موز عند مصطبة البيت لقامت الدنيا ولم تقعد ولعلت الولاويل واحضرت سيارة الاسعاف وادخل العناية الفائقة وصور بالصور الملونة والفوق بنفسجية ويزوره الاصحاب والاحباب والاهل والجيران ويقدمون له الحلوى بكل انواعها اما الفاكهة فحدث ولاحرج ..وبيني وبينكون هو ما فيو شي عم يدلع عالبابا والماما يشكل آسهن انشا الله.أما ام هشام فلها قصة عجيبة فهي من ابناء الجولان (أيام قبل ) البسطاء الطيبون والذين يعشون على قد ابساطك مد رجليك ورزقهم على الله ثم على الحصيدة [اسقا الله ايام الحصيده ..إيــــه ] تخرج ام هشام بعد ان شدت وسطها بالمحزم ثم جلعت ابنها هشام على ظهرها وبيدها الزوادة تقصد البيادر وعند كومة القش تضع ابنها هشام الذي تجاوز العامين بقليل وتضع امامه صحن من اللبن تلهيه به لتقوم هي بواجبها .وتمر ساعات الصيف ببطء والشمس اللاهبة تشق الرؤوس.تنظر ام هشام الى ولدها واذا بشيء يتلوى بين يديه وهو يصيح ويقول < أغي أبن بعبع > يعني اشرب لبن يا بعبع . والبعبع كانت افعى حظها السيء اوقعها في قبضة ابن ام هشام.كانوا قديما يخوفون الاولاد بالغولة وابو سلة ولكنهم لا يخافون من هذه الهوام .أما ابناء المدن فإن اصغر صرصور في العالم له القدرة على دب الرعب بحارة بأكملها والكلام موصول لربات الخدور فمنهن قد تطلب الطلاق ان علمت في بيتها < سورسار > فما تظنون لو رأين فأرا أو جرذا ما عساهن فاعلات ...أعتقد الانتحار.لهذا كان الناس قديما حتى في الجاهلية كانوا يرسلون اولادهم للريف والبادية ، حتى يكتسبوا صفات جليلة ويعركون بالدنيا عركا فما كانت النتيجة ؟تخرج منها رجال وضعوا بصمات في التاريخ.
بقلم محب الدين الدمشقي
